الاثنين، 6 نوفمبر 2017

معارضة لقصائد عربية لمفرج السيد

بسم الله  الرحمن الرحيم

مولـد الهــــدى


الكون والدنيا سنى وسناء


 والدهر معقود المنى وضَّاء

وُلد الهدى لما أهلًّ محمد


 فتناقلت أخباره الأنباء

وصلت إلى البدويِّ جوف خبائه


 حتى الرعاة تضمهم صحراء

واستبشرت فيه الملائك في العلا


 وتجَّمعت صفًّا لها ضوضاء

نقلت لآمنة البشائر زفَّها


 جبريل يخفق في يديه لواء

وانقض من إيوان كسرى جانب


 قد خرَّ للشرفات منه بناء

وهوت نجوم الليل من أفلاكها


 يُرْمَى بها في أفقها الخبثاء

من كلِّ شيطان تسلَّق منصتاً


 والله ليس عليه من خفاء

والكون في تلك الطبيعة حائر


 متسائل ما هذه الأشياء

حتى تجلَّت للأنام حقيقة


 عنها درى القرباء والبعداء

هذي السماء تزف في أفراحها


 للأرض بشرى ما حوتها سماء

وتمخضت أم الرسول فأنجبت


 خير الأجنَّة ضمت الأحشاء

ربَّاك جدك بعد أمّك ما مضت


 وثوت هناك مقرُّها الأبواء

من بعده ربّاك عمُّك يافعاً


 وأتت بفقدهما لك الأرزاء

في ظرف عام في الفناء تتابعا


 فتعمدت إيذاءك السفهاء

سمَّيت هذا العام عاماَ محزناً


 والحزن قد باحت به الأصداء

من بعد أمّك أرضعتك ثويبة


 وحليمة ضاقت بها الأبناء

حملتك فوق أتانها فتقدمت


 وهي التي أزرى بها الإعياء

وبيمن طالعك السعيد ومنة


 من فضل ربك درت العجفاء

وأتتك من بعد النبوة بنتها


 ومضت بخيرٍ أختك الشيماء

من قبل بعثتك الشريفة جاوزت


 قامات مجدك أفقها الجوزاء

سُمِّيت بالرجل الأمين وصادقاً


 في فترة ندرت بها الأمناء

وحكمت في الحجر الكريم ووضعه


 فأقرَّ ما أمضيته الشرفاء

وعملت حيناً في التجارة رابحاً


 ومربَّحاً فشدا بك العملاء

ورأى بحيرا في سناك ملامحاً


 دارت عليها طلعة غراء

ورأى النبوة في جبينك رسمها


 ويلوح منها في الجبين ضياء

عُلم عن الأسلاف في أسفارهم


 عرفت حقيقة سرِّه الفهماء

أوحى لجدك خائفاً ومحذِّراً


 كيد اليهود فإنهم أعداء

زُوِّجْتَ أم المؤمنين خديجة


 والطبع منها عفة وحياء

ولدت لك الأخيار من ذرية


 عاشت وراءك منهم الزهراء

واستك في العهد القديم بنفسها


 والعطف منها جنَّة ووقاء

تأتي إليك بصبحها ومسائها


 لما يضمك في الخلاء حراء

وإلى المدينة هجرة ميمونة


 للدين فيها رفعة وعلاء

بجوارك الصديق فارق أهله


 وله من الرأي الحصيف مضاء

أما علىٌّ في فراشك نائم


 يفديك مختاراً وعز فداء

بالغار عن طلب العدى أويتما


 حتى توارت عنكما الرقباء

غير الذي ساخت به أقدامه


 كادت تواريه الثرى الغبراء

العنكبوت بنى خيوطاً حوله


 وبقربه قد عششت ورقاء

والزاد يأتي في المعاد بخفية


 تغدو به في وقته أسماء

ويحوم راع يستحث شياهه


 كي تطمس الآثار تلك الشاء

يا سيدي والمعجزات تتابعت


 فيها لمبعثك الكريم جلاء

للقدس في ليل تلفح بالدجى


 وبأمر ربك ذلك الأسراء

جبريل قد كان الدليل لرحلة


 ليلية سادت بها الظلماء

وركبت من ظهر البراق مطية


 فاقت لمركبة يضم فضاء

صليت بالأملاك أنت إمامهم


 في المسجد الأقصى عليك بهاء

وعرجت في ملكوت ربك سابحاً


 نحو السماء تحيطك اللألاء

حتى رأيت جلال ربك واضحاً


 بالعين ما صاب العيون غشاء

ورجعت تأوي مضجعاً فارقته


 ما غيرَّت من وضعه الأجواء

أما انقسام البدر يأتي آية


 أخرى وما فيها هناك مراء

وبلاغة القرآن حتماً أعجزت


 أن لو يجيء بمثلها البلغاء

وأبو قتادة قد شفيت لعينه


 وبخيبر ناب الإمام شفاء

قلعت لهذا عينه فأعدتها


 ما نابها من بعدها الأدواء

وبعين هذا قد تفلت فأبرئت


 من طيب ريقك عينه الرمداء

فضل من المنان قد أعطاكه


 فلديه للداء العضال دواء

يا خير مبعوث لأفضل أمة


 كانت تشتت شملها الأهواء

فجمعتها في ظل دين واحد


 والكل في الدين الحنيف سواء

الأثرياء حفظت فضل ثرائهم


 فازداد منهم في الحياة عطاء

وفرضت للفقراء في أموالهم


 إنَّ الزكاة تكافل وإخاء

بند الضمان ممثل في صفَّة


 المملقون لهم بها إيواء

والرزق قد يسرت من أسبابه


 فازدان في كِّل البلاد نماء

حتى الزراعة قد نمت أشجارها


 وازداد فيها خضرة ورواء

ووضعت للمرضى علاجاً شافياً


 في الطب ما عجبت له الحكماء

ومعلِّم الأجيال علماً زاخراً


 الدين والدنيا به شركاء

أكرم بأمّيٍّ يعلِّم قارئاَ


 حتى استقى من نبعه العلماء

ولحكمة قد كان في أمِّيَّة


 كي لا يقال روى له القدماء

فجزاك ربك خير ما يجزى به


 فلديه يا خير الأنام جزاء

وعليك صلى الله جلَّ جلاله


 ما غردت في وكرها فتخاء

يا خير خلق الله ماذا في يدي


 من ملكة يشدو بها الشعراء

فأفجر الشعر الجميل قصائداً


 كجداول ينساب فيها الماء

إذ أن شعري في مديحك عاجز


 يجري فيقصر في الثناء رشاء

لكنني أدلي بدلوي في ندىً


 قد فاض ما اضطربت عليه دلاء

فاقبل قصيدي يا رسول فإنه


 بمديحك الغالي له الإطراء

واصفح عن التقصير إني شاعر


 لي من رضاك قصائد عصماء



***

معارضة نهج البردة

ظبي من الإنس بين الحل والحرم


 رمى فؤادي بسهم فاستباح دمي

يا رائش السهم من أهداب مقلته


 هلاَّ رحمت فؤاداً في الصميم رمي

أو خفت رب الورى في مهجة تلفت


 عاثت بها أعين مرضى بلا سقم

ولاعج من سعير الشوق أجَّجه


 بعد النوى فاستحث العيس في سأم

إليه قد شد من وجد رواحله


 والدمع من عينه يسخو بمنسجم

مسافر في فضاء الحلم قد سبحت


 أفكاره حنّ للمختار من قِدَم

يا حادي العيس عجل في قيادتها


 واصل بها السير بين الضال والسلم

وإذ رأى طيبة المختار بارزة


 تلوح في مقلة الرائين كالعلم

وصاح داعي الهوى والشوق في سحر


 هذي ديار الهوى يا عين فالتهمي

ألقى عن الرحل جسماً قد ضناه جوى


 وراح نحو الحمى يسعى على قَدَم

هناك ألقى عصا التسيار من سفر


 وآدرك الأمن من خوف ومن ألم

محمد صفوة الهادي وخيرته


 من خلقه بين كل العرب والعجم

يا أعظم الناس في دنيا وآخرة


 وأكرم الناس في الأخلاق والشيم

أحلك الله في الأخيار من نسب


 أباً وأمَّاً لأهل المكرمات نمي

يا خاتم الأنبياء المرسلين ويا


 زعيمهم حين يحيا الناس من رمم

ناداك ربك والأبصار شاخصة


 أيا محمد عند الله فلتقم

وسدرة المنتهى زادتك منزلة


 شُرّفْتَ من عزة المنان بالكلم

أسرى بك الله في ليل لرؤيته


 على براق سرى كالبرق في الظلم

صليت بالملأ الأملاك تقدمهم


 في باحة المسجد القدسيِّ من أَمَم

رفيق مسراك جبريل الأمين غدا


 لك الدليل سما عن رتبة الخدم

حتى رأيت جلال الله ما وهمت


 به الظنون ولا الأهواء بالتهم

ودولة ساست الدنيا برمتها


 قامت على الحق في حين الوطيس حمي

للجيش والخيل في الآفاق همهمة


 لما على الخيل شد الجيش باللجم

عليك قامت ودامت يا بن آمنة


 للبعث إذ ينشر الديان للنسم

ملكت للدين والدنيا حباك بها


 من جوده فوق كل الجود والكرم

دين تملَّك أرواحاً فألَّفها


 وزاد في قرب ذى القربى وذى الرحم

وأمرهم بينهم شورى إذا وجبت


 شورى وإن أوجسوا من حادث عمم

دستور أحكامه القرآن منهجه


 من شرعة الله لا وضعية النظم

وحكمه العدل لا يرضى بمظلمة


 يعيش ظلامها في المرتع الوخم

وسل سواداً . فقد أبدى لموجعة


 فقال خذ كل ما قد نلت واحتكم

أنالك الله رضواناً ومغفرة


 وجنة مثلها الإنسان لم يَرُم

لكن أقدامك الزهراء قد ركعت


 لله حتى شكت من وطأة الورم

ركعت لله شكراناً لنعمته


 وكنت عبداً شكوراً في مدى القيم

تنام عين الكسالى في مضاجعهم


 وأنت يا سيد الأكوان لم تنم

ومعجزات وآيات لهم ظهرت


 أقرها كل ذي ريب ومختصم

إيوان كسرى تهاوى عند مولده


 وهو الذي كان في البنيان كالْهرم

والنجم قد غاب ما كانت بظاهرة


 موجودة أن يغيب النجم كالُّرجُم

وشقة البدر آي من نبوته


 ما كان في أفقه يوماً بمنقسم

يا قائد الغر وسم جباههم غرر


 محجلين بسيماهم مع الأُمم

هي الصلاة لهم نور ومَّيزهم


 وضوؤهم زان للأطراف والُّلمَم

يا أكرم السائلين الشافعين على


 نوال مولاك ذي الأنداء والنعم

نداك يا سيدي للمرتجين ندًى


 كالبحر في مده والفيض من ديم

لك الشفاعات قبل الخلق أجمعهم


 والجمع قد سال في طوفانه العرم

إني إلى نهلة أحظي بها بغدي


 من حوضك المشتهي الثر الروي ظمي

وسيلتي عند رب العرش أن يدي


 مُدَّتْ له واشتياقي جد محتدم

ومن حمى روضة من روض جنته


 والروح قد أشرقت في خير ملتزم

في مسجد المصطفى المختار موقعة


 من بعد مكة بيت الله في القمم

وأنني من ذنوبي بت في خجل


 لكن قلبي يناجي في سناه فمي

يا رب قد جئت والأوزار تكنفني


 وقد تحملتها من مبلغ الحلم

بباك البر يا وهاب أوقفني


 تقطع الزاد والإيغال في العشم

فما لذى الذنب من ركن يلوذ به


 سواك يا خير مرجوٍّ ومعتصم

ضيوفك الصيد يا جواد قد وقفوا


 بين المشاعر نزَّالين في الخيم

بعد القصور التي بالعز فارهة


 أو الرءوس التي تختال في شمم

الأرض أضحت بساطاً في مضاجعهم


 والأنف قد ذل للمعبود في رغم

تجردوا من ثياب غير ألبسة


 بيضاء في اللون قد شُدَّتْ على الحُزُم

لا فرق بين سراة أو ذوي ملق


 وبين ذاك الفتى والطاعن الْهَرِم

جاءوا إلى بابك المرجوِّ نائله


 في موقف حافل بالناس مزدحم

يرجون للعفو والغفران خاشعة


 قلوبهم ينهضون العزم بالهمم

قد رددوا في جميل الصوت تلبية


 أكرم بلبيك في الترنيم من نغم

وكبرت يوم عيد النحر ألسنة


 تلجُّ لله بالتقديس والعظم

يا رب فاقبل من الحجاج حجتهم


 واكتب لهم أجرها في اللوح بالقلم

وردهم في رحاب الخير أوبتهم


 للأهل والدار والأموال والحشم

يا رب إن يد الإرهاب قد عبثت


 بالأمن في الأرض تقفو فكر مضطرم

ودولة الشر إسرائيل قد جأرت


 منها فلسطين بالشكوى ولم تُلم

وفي العراق انقسامات تسببها


 مطامع فهي تحيا في لظى الحمم

فرب من دولة للغرب طامعة


 ترنو إلى فائض البترول في نهم

كشمير تسعى إلى الشيشان باكية


 وبورما تشتكي والكل في صمم

يا رب إن بني الإسلام قد بعدوا


 عن وحدة الدين كالقطعان من غنم

إن لم تعول على الإسلام وحدتنا


 نعش مدى دهرنا في حال منهزم

يا رب فاجمع على الإسلام أمتنا


 وشُتَّ اعداءها يا خير منتقم


****

ألاقي من عذابك

هذه القصيدة بدايتها لشاعر الامير عبد الله الفيصل رحمه الله وهذه الأبيات معارضة للقصيدة مع تضمين البداية
"ألاقي من عذابك ما ألاقي


وحبك في حنايا القلب باقي

وتسرف في الصدود وفي التجني


وأسرف في التياعي واشتياقي

فيا باهي الجمال وأنت بدرٌ"


يشع بنوره في الإنطلاقِ

أحبك صادقًا من كل قلبي


وأحلف فوق ذلك بالطلاقِ

أمد الطرف دومًا حين أصحو


لعل الطرف يحظى بالتلاقي

ويرجع طرفيَ الواني كسيرًا


ويأبى النومُ طرفي باعتناقِ

فهل بعد الفراقِ لنا لقاءٌ


ويشفى القلب من ألم الفراقِ

عسى يأتي اللقاءُ لنا قريبًا


وبعد الهجرِ ينطفئُ احتراقي


***

ملحمة الدرر

سقى داري المقدسة الغمامُ


وحَوَّم حول ساحتها الحمامُ

بلادي أشرق الإسلام منها


فمكة بيتها البيت الحرامُ

وطيبة إذ بها خير البرايا


وآل البيتِ والصحبُ الكرامُ

رياض الخير عاصمةٌ وقلبٌ


لأرض العُرْب والإسلامُ هامُ

عروسٌ زينت في يوم عيدٍ


وخاطبها هو الملك الهُمامُ

أجلْ عبد العزيز وهل ستحظى


بزوجٍ مثلُه ذاكَ الإمامُ

فأمهرها السعادةَ خيرُ مهرٍ


وتبقى في ذراها لا ترامُ

سعودٌ بعده قد قام فينا


فعم الخيرُ وانتشر السلامُ

ويأتي فيصلٌ والرأي ماضٍ


صريحٌ كان يحميه الحسامُ

وهلَّ بخالدٍ عهدٌ جديدٌ


وفيه الخيرُ ينمو والوئامُ

وفهدٌ قد أتى بالعلم نورًا


كأن العلم شُرْبٌ أو طعامُ

وعبد الله يأتينا بعهدٍ


يلذُّ العيشُ فيه والمنامُ

وسلمانُ الشهامةِ قد أتانا


فجل الشأن وارتفع المقامُ

بلادي درةٌ يزهو سناها


يضاءُ بنورها الباهي الظلامُ

وفيها لوحةٌ رسمت بفنٍّ


بها يشدو المحبُّ المستهامُ

وباقاتٌ من الورد المُنَقَّى


وهيلٌ والقرنفلُ والبشامُ

قصيدةُ شاعرٍ فيها يغني


يرددها على الأيكِ اليمامُ


***

هل تعلمين


يا ظبية البان حن القلب للبانِ


لو أنه القرب والإبعاد سيَّاني

كلاهما واحدٌ حبٌ بلا أملٍ


ولا رجاءٍ يمر اليوم والثاني

يا ظبية البان إني مغرمٌ دلفٌ


متيمٌ قد شكا فكري وجثماني

( هل تعلمين وراء الحب منزلةً


 تدني إليك فإن الحب أقصاني )

فأرسلت بسمةً يَفْتَرُّ عنها فمٌ


كحمرة الورد تحيي الروح بالفاني

وزغردت مثل صوت الطير صادحةً


نعم نعم منزلٌ تحويه أجفاني

فأحيت الأمل المفقود من زمنٍ


وأطفأت جذوةً تذكو بوجداني

يا ظبية البان إن الأرض موحشةٌ


بلا ظباءٍ كقلبي الواجف الواني


***

حلم ليلة


" مالي أراها لا ترد سلامي


هل حرمت عند اللقاء كلامي

أم عادة الغيد يبدين الجفا


وفؤادهن من الصبابة دامي"

أم عاذلٌ بالشك قد رابها


فنوت بما فعلت على إيلامي

إن كان يرضيها التذلل من فتى


فلقد ذللت وقد خضعت مقامي

لا عيب في حب يجر مذلة


فالقصد خير والمؤمل سامي

يا ربة القد الجميل فرحمةً


بحياة صبٍّ بات في إعدمِ

نظرت بأعينها الوساع وأشرقت


في ثغرها البسمات باستسلامِ

تفديك روحي في الحياة وفي الهوى


يا إلف يومي يا أنيس منامي

فجرى الذي قد كان فيما بيننا


فاجنح بفكرك عن مدى الآثامِ

إن القضية كلها من أصلها


في ليلة طابت مع الأحلامِ


***

تهادت بالدجى

تهادت بالدجى بدر التمامِ


وقد بادرتها ردَّ السلامِ

فقالت ما السلام فقلت أمنُ


كأمنك في الضياء وفي الظلامِ

فقالت ما الظلام فقلت ليلٌ


نعاني فيه أنواع الغرامِ

فقالت ما الغرام فقلت حبٌّ


كحبي فيك يا بنت الكرامِ

فقالت ما الكرام فقلت قومٌ


لهم في مهجتي أسمى مقامِ

فقالت ما المقام فقلت ركنٌ


ببيت الله والبيت الحرامِ

فقالت ما الحرام فقلت شيءٌ


يحرمه الإله على الأنامِ

فقالت ما الأنام فقلت بدوٌ


نلاقيهم ببيت أو خيامِ

فقالت ما الخيام فقلت بيتٌ


نناجي فيه واضعة الوشامِ

فقالت ما الوشام فقلت نِيلٌ


يَزِينُ الخد من تحت اللثامِ

فقالت ما اللثام فقلت سترٌ


يغطي الوجه ختمًا للكلامِ

فقالت ما الكلام فقلت صوتٌ


كما صوت القماري والحمامِ

فقالت ما الحمام فقلت طيرٌ


يغني فوق أغصان البشامِ

فقالت ما البشام فقلت غصنٌ


يغطي المصطفى مثل الغمامِ

فقالت ما الغمام فقلت غيثٌ


يَدِرُّ نزوله أحلى طعامِ

فقالت ما الطعام فقلت أكلٌ


يرتب في البيوت على النظامِ

فقالت ما النظام فقلت قنٌّ


لشيخ والفتاة وللغلامِ

فقالت ما الغلام فقلت طفلٌ


صغير قد نما فوق العظامِ

فقالت ما العظام فقلت لحمٌ


يجيء بخلفه أو بالأمامِ

فقالت ما الأمام فقلت سيرٌ


أمام القوم في طلب الذمامِ

فقالت ما الذمام فقلت عهدٌ


يخص لفارس شهم همامِ

فقالت ما الهمام فقلت شخصٌ


يحن إلى التآلف والوئامِ

فقالت ما الوئام فقلت قربٌ


لمن يحيا بحبك في الهيامِ

فقالت لي فديتك من محبٍّ


ولن أبغى بحبك في الملامِ

فقلت وما الملام فقاطعتني


ستعرف شرح ذلك في المنامِ


***

عيون المها

قصيدة للشاعر العباسي علي بن الجهم السامي ، وهذه معارضة لها :

"عُيون المها بينَ الرصافةِ والجسرِ


جلبن الهوى من حيثُ أدري ولا أدري"

يسارقننا النظراتِ سودًا كواحلًا


وما مسهن الكحلُ بل ذاك من سحرِ

سهامٌ على قلبِ المحبِّ يرشنها


وتنزلُ مابينَ الجوانحِ والصدرِ

ومن مات من سهمِ العيونِ فإنه


شهيدٌ وتحمله العيونُ إلى القبرِ

ومن عاش يبقى نازفًا في جراحِه


وليس له طبٌّ إلى أبدِ الدهرِ

وإن الذي تسقيه من خمرِ عينِها


فتاةٌ يظل الدهرَ يُصرعُ بالخمرِ

وإني بغزلانِ الصريمة مغرمٌ


يقلبُني شوقي على لهبِ الجمرِ

تفيأتُ من بغدادَ دارًا كريمةً


كأنيَ قد نُبِّهْتُ في ليلةِ القدرِ

وكنت مقيمًا في البداوةِ راعيًا


وراءَ قطيعِ الضأنِ في قريتي أجري

رعى اللهُ يا بغدادُ منك منازلًا


يعيشُ بها الآرمُ يخطرن بالقصرِ

أونسُ ملساءُ الخدودِ نواعمٌ


وتنفحُ منهن الملاحةُ بالعطرِ


***

إن العيون التي في طرفها حور

معارضة لقصيدة الشاعر الأموي جرير بن عطية بن الخطفي التميمي وفيها تضمين ثلاثة أبيات .

شاهدت بالراكِ والبانات غزلانا


جآذرٌ من ظباءٍ تسكنُ البانا

حورٌ حرائرُ ما اكتسينَ بزينةٍ


غيرَ الذي غطت الأهدابُ أعيانا

صوبنَ من نظرةِ العينينِ أسهمَها


فدكت العينُ والأحداقُ مرمانا

( إن العيونَ التي في طرفِها حورٌ


قَتَلْنَنَا ثم لم يحيينَ قتلانا

يصرعنَ ذا اللبِّ حتى لا حراكَ به


وهنَّ أضعفُ خلقِ اللهِ إنسانا

يا حبذا جبلُ الريانِ من جبلٍ


وحبذا ساكنُ الريانِ مَن كانا )

يا ساكنينَ من الريانِ منزلةً


لقد سكنتم فؤدًا بات عطشانا

نهديكم الحبَّ من أقصى ضمائرِنا


وجدًا وعشقًا وأشواقًا وتحنانا

إن العيونَ اللواتي قد شُقِفْنَ بنا


ما جربت في الهوى عطفًا ووجدانا


***

زينبية القرن الخامس عشر ( من وحي واقعة )

القصيدة الزينبية الأصلية قصيدة في وصف الدنيا ، يقال أنها للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، أو للخليفة العباسي الراضي ، ونسبت لآخرين ، وهذه زينبية اخرى من عالم آخر :

إن الحياة تحفز وتوثب


هذا بقاموس الأنام المذهب

هذا يطيح برأس هذا جاهداً


والمأمل الأسمى هناك المنصب

إن الوسيلة لاتهم لغاية


إن المهم بأي حال تغلب

ونسوا بأن العمر ليس بدائم


والدهر ماض والليالي قلب

فترى كبير السن يحسد من فتى


وترى الفتى قد غار منه الأشيب

غاب الوحوش لهم تراءى مسرحاً


ناب لهم في الكائنات ومخلب

متكالبين على الحياة ودأبهم


إن لم تكن ذئباً فأنت الأرنب

متعلمون وإنهم من جهلهم


بالنور يشملهم ظلام غيهب

والمال أصبح فوق كل نباهة


يزجى لصاحبه المحل الأرحب

لو كان فدماً لا يساوي درهماً


وسكوته من كل قول أطيب

أيدير أقوام لدار ثقافة


ومن الثقافة فكرهم متسيب

لم يفتحوا يوماً كتاباً واحداً


أو يقرأوا سطراً بحبر يكتب

فوق الرءوس ترى عقالاً شامخاً


ومشالحاً مصقولة تتنكب

والعقل أخوى من إناء فارغ


حتى مصالحهم لها من يحسب

يا قوم بئس الإختيار فهذه


ليست مؤسسة وما هي مكتب

هذي معلقة شداها شاعر


لما رآني في حياتي مكرب

وصحوت من نومي وصوت محدثي


مثل الصدى في داخلي يتسرب

أضغاث أحلام بليلة عتمة


كم غير زينب في الأحبة مذنب

لا تبك إن صرمت حبالك زينب


بل فابك من قد ضم هذا الكوكب

إن كنت منها قد أصبت بغدرة


فهناك آلاف نمتهم زينب


***
 أرى الرياض
هذه القصيدة معارضة لقصيدة الشاعر الأندلسي الوزير أبي الوليد أحمد بن زيدون النونية في التشوق إلى محبوبته ولادة بنت المستكفي الأموي والتي مطلعها :
أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا               وناب عن طيب لقيانا تجافينا

يا من تذكر شوقاً رمل يبرينا


وحن في لحظة الذكرى لدارينا

أنا إلى نجد الفيحاء تجذبني


لواعج الشوق في أفياء ماضينا

أرى الرياض لها في القلب منزلة


دنيا تتاخم في أمجادها دينا

يا باسم البرق من أنحائها لمعت


أنواره أشرقت منها دياجينا

مواسم الغيث هل حلت مواعدها


تسقي رياض الحمى فيها وتسقينا

فينبت الشيح والقيصوم مزدهراً


وتزهر الأرض ورداً أو رياحينا

ويا نسيم الصبا إن جئت منتشياً


بالله أن تحمل الريا لوادينا

لعل ريح الخزامي من جوانبها


يأتي لنا حاملاً عطراً ونسرينا

وأعذب الماء يجري في خمائلها


أضحى بطول النوى مشروبنا طينا

ويبرز المصمك العالي ببنيته


عجلان في بابه أبقى براهينا

عبد العزيز الذي قد عاد مفتتحاً


يجوب في عتمة الليل الميادينا

يقول في فجر يوم قد أضاء له


موروث آبائنا يبقي بأيدينا

الملك لله رب العرش خالقنا


وثم عبد العزيز الصقر والينا

أتى سعود وأوفى فيصل سلفاً


وخالد بعده فهد مضوا فينا

واليوم في طاعة الرحمن يجمعنا


حمى أبي متعب طابت ليالينا

أدامه الله للإسلام قاطبة


تضمنا كفه والله حامينا

أبناء عبد العزيز الفذ أجمعهم


على جناح العلا كانوا شياهينا

وفي سنى الشعر أعشى عدت أذكره


منفوحة خلدت أشعاره حينا

صناجة صوته عذب ينغمه


ويملاً الكون تطريباً وتلحينا

مع المحلق وافانا له خبر


جاءت به صفحة التاريخ تبيينا

بالحول لم تبق بنت وهي عازبة


لهن قد أقبل الخطاب راجينا

أقول والشوق تضنيني لواعجه


لمن غدا حبها يسبي الملايينا

يا قبلة الشرق في علم وفي أدب


تبقين للدين والدنيا عناوينا


***

خير البرايا

معارضة لقصيدة سلوا قلبي لأمير الشعراء أحمد شوقي لمفرج السيد :
أصاب السهم من قلبي مصابا


وأثخن بالفؤاد دماً مذابا

مهاة باللواحظ في يديها


دماء العاشقين غدت خضابا

تعرض لي بخد من لجين


وتبسم من فم ضم الرضابا

فقلت لها لهذا الطرف غضي


وضمي فوق فتنتك النقابا

فما هذا المقام مقام عشق


ولا طلب المقالة والخطابا

فقد أوفى بنا شهر كريم


به قلب الخلائق قد أنابا

إذا حلقات خير الذكر تتلى


يهل الدمع بالعين انسكابا

وفارقت الصباية والغواني


فإن الله الهمني الصوابا

إلى خير الأنام صبا فؤادي


رسول بالأصول زكا وطابا

ويدعو المسلمين لخير دين


هو الإسلام ينتهج الكتابا

أبو الزهراء من ولدت بنيها


هما السبطان قد ساداالشبابا

إذا حسن تطاول أو حسين


تقاصر كل من يسمو انتسابا

نبي الله يا خير البرايا


إليك أتيت اقتحم الصعابا

بوقت صار مدحك فيه ذماً


لقائله وحبك صار عابا

وما غاليت في أبيات شعري


لألقي اللوم فيها والعتابا

حبيب الله والهادي لخير


وعبد الله لا أجد ارتيابا

ولكن ليتني قد عشت قبلاً


وألثم من رواحله الركابا

فهذا منتهى شرف وفخر


يسامق في مكانته السحابا

وتؤرقني الحوادث في زماني


لها فتح العدا بابا وبابا

وفي أجدادنا صور وعبر


لقد جعلوا الجهاد لهم مثابا

كتائب للوغى رحلت وحلت


تقود الجيش والخيل العرايا

فبدر ثم مكة ساطعات


وحطين لقد طابت رحابا

فرد الناس يا ربي مردّاً


جميلاً نحو جانبك احتسابا

تقبل صومنا يا رب بنا


وأجزل في القيام لنا الثوابا

وبلغنا له في كل عام


وحقق في الحياة لنا الرغابا

وعبد الله فاحفظه معافى


دعونا من إذا يدعى أجابا


***

تبدت أمامي


معارضة لقصيدة ( أراك عصي الدمع ) للشاعر الفارس الأمير أبي فراس الحارث بن سعيد الحمداني
تبدت أمامي قد كسا جسمها الشعر


 بوجه تلاشى عند طلعته البدر

وتسألني من أنت من قد هويتها


 وتعلم لكن غرها التيه والكبر

وقلت أنا من مسه الضر والأذى


 بهجرك قالت فليدم ذلك الهجر

أيخفاك أن هوى الغواني مرتقى


 بعيد منال ينقضي دونه العمر

فقلت نعم أدري ولكن يد القضا


 ولوعة حبي فيهما عندي العذر

وقالت أرى للعاشقين علامة


 هي الدمع والشكوى وشعرك والفكر

ولم ار منها فيك بعض سجية


 فحبك دعوى في المحبين أو مكر

فقلت لها طرفي ودمع محاجري


 خصيمان لا دمع غزير ولا نزر

من العار أن يبكي الرجال من الهوى


 دموعاً ولكن تبكي المرأة البكر

وهل باح في شكواه وهي مذلة


 فتى في الهوى والحب يسمو به القدر

وعنديَ من شعر الغرام خرائد


 يطوقها عز الحماسة والفخر

ويسهر طرفي كلما أقبل الدجى


 وطافت به الأفكار ضاق بها الصدر

سلي عن سهادي البدر طال به السرى


 وتأتيك عن طول الكرى الأنجم الزهر

وقلت لها هذا فؤادي هدية


 إذا شئت قرباناً فقد قرب النحر

وقلت لها ما بال جسمك لين


 رقيق وأوهى لين رقته الخصر

ولحظك لما يرفع الطرف آسر


 فهل في سني عينيك قد نفث السحر

وهل زرت روضاً بالأزاهير مؤنقاً


 فطار من الأزهار في شعرك العطر

وقالت وَلِمْ تسأل سؤالا جوابه


 عسير به ورد المنية والقبر

فقلت بروحي أنت ماليَ مطمع


 بوصلك فليسقط على رأسي القصر

فقالت لقد أشفقت بل زار بي الهوى


 فمثلك أحرى أن ينال به الأجر


****


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كسرات 2-1-1440هـ

كسرات 2-1-1440هـ قلب العنا لا غدا تلفان مثل العظم ما قبل تجبير دمع الأسى حَجَّر الأجفان والشعر يعجز عن التعبير ** نَفِّسْ ع...