الجمعة، 17 أبريل 2015

ترجمة مفرج السيد بقلمه



ترجمة حياة


ولد مفرج فراج السيد بمدينة بدر التاريخية عام 1360 هـ من أسرة كريمة تنتمي إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، ووالده أحد أعيان بدر ، ووالدته من أوائل من حفظن القرآن والحديث من أهل بدر .
وقد درس بالكتاتيب لدى خاله الشيخ عبد المطلب بن علي الرديني والشيخ عبد الحميد بن محفوظ الشريف ، وعندما انشاءت المدرسة السعودية بمدينة بدر في عام 1368 هـ التحق بها ، ثم التحق بالمدرسة الناصرية بالمدينة المنورة ونال شهادتها عام 1373هـ ، وقد درس على فطاحل المعلمين في ذلك الوقت منهم حمزة قاسم مدرس اللغة العربية ومحمد حميدة مدرس التاريخ ومحمد طاهر مدرس الجغرافية ومحمد حمدان مصري الجنسية مدرس القرآن الكريم والخط العربي ، ثم التحق بالمدرسة اللاسلكية بينبع لمدة سنة والتحق بعدها بالموجه بمكة المكرمة ونال دبلوم اللاسلكي من هناك .
تعين في عام 1378هـ كمأمور مخابرة بالليث لمدة شهر ثم نقل إلى المهد كمأمور مخابرة ثم نقل إلى المدينة المنورة ليعود إلى المهد كمراقب لاسلكي .
وفي عام 1392هـ نقل إلى مهبط رأسه إلى مدينة بدر كمراقب لاسلكي ، وفي عام 1408هـ وعند دمج إدارتي البرق والهاتف معا تحت مسمى الاتصالات تسلم الإدارة حتى أحيل للتقاعد في عام 1415هـ .
مارس هواية الشعر منذ صغره ونشر أول إنتاجه شعراً بمجلة المنهل عام 1383هـ وأسماه صاحب المنهل الشيخ عبد القدوس الأنصاري رحمه الله ، بشاعر الريف السعودي .
نشر شعره بمجلة المنهل وجريدة المدينة والبلاد والندوة وملحق الأربعاء الثقافي بجريدة المدينة ، كما أذيع شعره بالإذاعة السعودية والإذاعة الأردنية وإذاعة صنعاء والقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية .
وأجريت معه مقابلات بالإذاعة السعودية والتلفزيون السعودي ، وكتب عنه الكثيرون منهم : الأستاذ محمد صالح البليهشي ، والأستاذ محمد مصطفى شراب ، والشاعر الكبير أحمد صالح قنديل رحمه الله ، وخلافهم .
ورد شعره في كثير من رسائل وأطروحات الماجستير والدكتوراة في الادب السعودي المعاصر ، وترجم له الشيخ الأنصاري في أحد أعداد مجلة المنهل عن الأدباء السعوديين ووردت له تراجم كثيرة في معاجم أدباء المملكة ، كما ترجم له في معجم البابطين الخاص بشعراء العرب المعاصرين ، كما وردت له ترجمة وقصائد مختارة في سلسلة قصائد مختارة من روائع الغزل عند الشعراء والخاص بالشعراء الخليجيين من ضمن شعراء المملكة ، هذه السلسلة التي أصدرتها الدار العربية للعلوم إعداد محمد بركات .
له من الداوين المطبوعة فيض الأحاسيس صدر عام 1399هـ عن دار ثقيف لصاحبها الأستاذ عبد الرحمن فيصل المعمر ، ثم أعيد طبعه مضافاً إليه بعض القصائد بما يضاهي حجم الطبعة الأولى ، وذلك في عام 1414هـ ، وله ديوان آخر هو رشة عطر صدر عن النادي الأدبي بالمدينة المنورة عام 1418هـ .
وله ديوانان معدان ومجازان هما : قنابا وسنابل ، وآفاق ساميه ، ودواوين مخطوطة منها : بوح السنين ، وسحر ، وكم كبير من القصائد التي لم تنشر ولم تدون .


نماذج من شعره 


من القصائد الدينية التي اتسمت بالحق والضياء والنور ولكنها لم تر النور وهي لأنها لأول مرة تنشر :

العودة إلى الله


بصمات السنين فوق جبيني ** في طريق الفناء زادت يقيني
علمتني وكنت من قبل أدري ** وأنا الطين عودتي للطين
فعلى الماضي البهيج لأُسدلْ ** في الهوى والمنى ستار الحنين
ذهب اللهو والملذات عني ** وكأني ولدت مثل الجنين
عدت لله في الحمى بعد كر ** في شمال الحياة أو في اليمين
عفوك الله إنني عشت ردحاً ** في سراب الحياة أقفو قريني
وأنا عائد وقد جاء عودي ** في ثياب المطأطئ المستكين
من جنى ذنبه وما ثم عذر ** مثلما كان سابقاً كل حين
عفوك الله إنني عدت عبدًا ** تائبًا باكيًا بدمع سخين
فتقبل لتوبتي يا إلهي ** وارم عني صدى الزمان المشين
رب إني دعوتك اليوم صدقًا ** ولقد لذت في حماك الأمين


وللوطن موقع وله في القلوب تجيش به عواطف الشعراء ، ويظهر في أشعارهم ، وهذه قصيدة عانقت ذرى المجد واستنارت بسنى القيادة الرشيدة ، ولكن لم يتطرق لها نور النشر فهي بكر تتخايل على هذه الصفحة :


ترنيمة للوطن ([1])


لاحب قد كان في الدنيا ولم يكن ** في سالف العصر أو في حاضر الزمن
آحلى وأعظم من حب يهيم به ** مواطن راح يشدو في هوى الوطن
ترنيمة أنت يا حلم الحياة ويا ** طيفًا يرفرف في صحوي وفي وسني
هواك في كل حالاتي إذا ابتسمت ** بيض الأماني وإن يغز الكرى شجني
حملت حبك في هذي الحياة معي ** وسوف أحمل هذا الحب في كفني
يا موطني يا ذرا الامجاد كم بذلت ** كفاك للمجد والتاريخ من منني
وهب عبد العزيز الصقر ممتطيا ** ذؤابة المجد يبغي درة المدن
ومن سعود لقد أضفى على وطني ** فيضا من السعد والخيرات في قرن
وفيصل شق بالرأي الحصيف لنا ** دياجر الليل كالنبراس للسفن
وخالد الخير من عمت سماحته ** شرقا وغربا ومن شام إلى يمن
حسبي إذا تهت فخرا أن يكون مدى ** فخري بحبك في سري وفي علني
إذا سئلت رفعت الراس في صلف ** وقلت هذا الذي فوق الذرا سكني
فعشت في عزة قعساء أنعمها ** فهد وانعم به من فألك الحسني


**


الغزل هو العين الثره الذي ينهل منه الشعراء وهذه قصيدة تغازل الهوى والجمال على استحياء منها ومنهما ولم تبرز للعيان على صفحات الصحف .

على الشاطئ السحري


بحرو هذا الساحل ** بكل حسن آهلْ
والبحر في أمواهه ** كأنها غلائلْ
زرق ومن أشعة ** للنور وهو مائل
من قرص شمس قد هوى ** للغرب وهو ذابل
وقد كست أثباجه ** من نوره سنابل
أو أنه التبر زها ** من الأصيل الرافل
والرمل في شطآنه ** في كل شط سائل
متل بساطٍ عسجدٍ ** يغوص فيه الجائل
هناك يبدو مركب ** إلى بعيد راحل
وهاهنا وهاهنا ** سرب ظباء جافل
كل مهاة أرسلت ** لحظًا سناه قاتل
مكحل وما جرت ** في عينه المكاحل
تغازل البحر كما ** لحسنها يغازل
وغابت الشمس وقد ** حل الظلام الشامل
إلا بقايا من سنى ** خيط ضئيل ناحل
وامتلأ البحر دمى ** عرائس مواثل
تلك الصبايا سبحت ** وأحجم القلائل
كي يبتردن من جوى ** فالصيف قاس قاحل
ونسي الناس هنا ** ما بثت المنازل
ومر ليل ساحر ** تحظي به العوائل
بلادنا في لهوها ** تسمو بها الوسائل


وهذه قصيدة غزلية أخرى تبحر من شاطئ الجمال والخيال لنسيج في عمق بحر المقل البابلية التي يغسل فيها الكحل .


الحب قد عاد


الحب قد عاد في دنياك يشتعل ** فعش كما كنت في ماضيك يا رجل
حورية من راء الغيب قادمة ** الشعر منها أتى بزهو به الغزل
ولامس الثغر أثمارًا مرطبة ** بالريق ما مسها عطر ولا عسل
أحلى من الشهد مجنيًّا لساعته ** وآعطر العطر ما بين اللمى ثمل
بقبلة قد أذابت كل عاطفة ** وراح منها الجوى المحموم ينتهل
على خيال من الأحلام أسعرها ** فكري وما ها هنا ثغر ولا قبل
وأعين في فضاء الكون سابحة ** والسحر من بابل جاءت به المقل
لم تشرب العين من كحل على ظمأ ** لكنه الكحل في الأحداق يغتسل
ووردة قد رمت من خير ما حملت ** على شفاه بها ورد الجنا خضل
وداعبت كفي الرعناء في وله ** من جسمها كل حسن فيه يحتفل
رفارف من خيالات مجنحة ** تطير بي في السنى يحلو بها الأمل
والآن ها قد أتاك الحب ثانية ** فاغنم فعمر الفتى في سيره عجل 


والآن ها قد تجلت لنا القرية بإشراقها كالعروس المجلوه فلتعب من هذا المنظر الطبيعي الخلاب .


الإشراق والقرية


أغسلي يا شموس بالمسحوق ** غرة الأرض من ضياء الشروقِ
ناصع في البياض والنور يزهو ** وتنام الحبوب فوق العذوق
يلثم النور جبهة الأرض يُضفي ** فوق هام الجبال ومض البروق
حينما يصبغ الأزاهير طل ** كانتشار الدماء بين العروق
ورقيق النسائم العذب يهفو ** نحوه الغصن كالفؤاد الخفوق
وأريج الشذى يفوح زكيًّا ** بين زخم من الهواء الطروق
ذاك في القرية الجميلة صيفًا ** أو ربيعًا وما أتت بعقوق
تنشر الخير بين حقل ومرج ** قد رعته الشياه خلف النوق
ومضى العاملون كل يؤدي ** ما على جهده لها من حقوق
فهو بعد الصلاة للحقل يمضي ** سائقًا نفسه وغير مسوق
نام فوق الفراش وهو بسيط ** باكراً ما بأهله من فروق
كلهم يذهبون للنوم ليلا ** بعد فرض العشاء بعد الغبوق
ويبيع الجميع انتاج يوم ** طازجًا وافراً بعرض السوق
وترى البائعين في كل صدق ** عند شار من البلاد صدوق
قريتي في مرابع الريف تجثو ** في شموخ وعزة ووثوق 


وأخيرا لنعش مع الجرح العربي لنخاطب الطفل محمد الدرة وننكأ جرح العراق الغائر .


كلهم محمد الدرة


لأجل عينيك جاء المجد يفتخر ** يا درة قد زهت من أجلها الدرر
غالتك صهيون طفلا يا ابن أندلس ** أخرى وكم غيرها ضاعت لنا أخر
كشمير بورما مع الشيشان تزهمنا ** لنا تنادي وما في الحي مبتدر
محمد ذلك المقتول علمنا ** أن الشهيد إذا ما مات منتصر
بطولة من دم غال يسطرها ** على جبين العلا والحق ينتحر
وأسلم الروح في آحضان والده ** ألقى على الصدر رأسًا وهو يحتضر
رصاصة بل رصاصات مدوية ** في صدره الشامخ المرفوع تنفجر
يقول للوالد المحزون في ثقة ** عبارة حولها التصميم ينحصر
لاتخش يا والدي إني أنا رجل ** ودمعة الوالد المثكول تعتصر
هناك في القدس والأطفال قد نهضوا ** وكلهم للفدا أرواحهم نذروا
عزل ولكنه الإيمان سلحهم ** بالدين والحق في أيديهم الحجر
كأن فيهم صلاح الدين ممتشقًا ** حسامه قال جئنا القدس يا عمر


الثالوث الجاني


جعلوا منك يا عراق فداءًا ** فتقمصت جلد كبش الفداء
صرخت في دمائك الأنا واستغاثت ** لك أو منك زاكيات الدماء
راح صدام ينبت الأرض زرعًا ** من خصام وثورة وعداء
ليس يعنيه في الوجود مرام ** غير نفس تنوء بالخيلاء
وعروق الحياة تنساب أرضًا ** وهي صنو الهواء صنو الماء
رئة الشعب والحكومة فيها ** وعليها تنفس الصعداء
ريق بوش تسيل للنهر يجري ** وهي كالتبر فتنة للرائي
زغللت عينه الدنانير تجبى ** من معين يفيض في الأرجاء
فسعى نحوها بشتى الدعاوي ** من يصد القوي في الإدعاء
كذب قصة السلاح وإفك ** قصة الغاب في الزمان النائ
حين رام الغضنفر الفظ ثورًا ** مزق اللحم منه كالأشلاء
وروى حجة من الوهم أوهى ** قويت بالبراثن السمراء
ورءوس الوحوش في الأرض تحني ** ذلة كالشعوب في الإنحناء
وأتت قشة العروبة جمعًا ** قصمت ظهرنا بكل ازدراء
لو قوينا بقوة الله كنا ** نتصدى لقوة الأقوياء
لغة العصر قوة وسلاح ** وهي ما لا تلين للضعفاء







تمت


([1]) هذه القصيدة نظمت في عهد الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كسرات 2-1-1440هـ

كسرات 2-1-1440هـ قلب العنا لا غدا تلفان مثل العظم ما قبل تجبير دمع الأسى حَجَّر الأجفان والشعر يعجز عن التعبير ** نَفِّسْ ع...